أتمنى أن تكونوا جميعا بوافر الصحة و السعادة
وقفت طويلا عند هذا المصطلح محاولة فهمه و إدارك ما قد يعنيه...
وهل له علاقة بالنفاق... بل وما هي الحالات التي يمكن فيها أن نقول أن فلان
يدّعي المثالية/منافق...
:
يحدث كثيراً... أننا نظهر أمام الناس أننا شخصيات مثالية رزينة عاقلة
واعية...
في حين أننا لسنا كذالكـــ مئة بالمئة... لكننا نفعل ذلك لأننا نحب أن نكون
كذلكـــ
هنا لا نريد ولا نقصد ادعاء المثالية لكننا نحب أن نكون مثاليين
فهل خطأ أن نحاول أن نكون أشخاص مثاليين؟؟؟
وهنا لا بدّ أن نفرّق بين صفة الكمال و صفة المثاليّة... الكمال لله
وحده... أما
الشخصية المثالية برأيي هي الشخصية النموذجية و التي تصلح أن تكون قدوة.
وفي حياتنا كثيراً ما نرى أشخاص مثاليين... نعجب بهم و نتمنى أن نكون مثلهم
فهل كل شخص مثالي... بالأساس شخص متصنّع يدّعي المثالية؟!!
أغلبنا نعلم أنّ الطيبة الظاهرية التي نبديها للغير ليست هي صورتنا
دوماً...
مثلا أتانا ضيف ثقيل جداً... لكن من منطلق الأدب نبتسم في وجهه غصباً
عنا...
هل ذا نفاق؟!! أم ذا تصرف لا بد منه حتى نحافظ على صورتنا المثالية؟!!
صحيح نتعامل مع الآخرين بود و إخلاص طالما تحكم علاقاتنا الأخوة والصداقة
وطالما لا يوجد ما يعكر صفو هذه العلاقات، لكن إذا تم استثارة غضبنا، إذا
تم استغلالنا
وإذا و إذا... وبالتالي أظهرنا لهم الوجه الآخر لأي سبب كان... هل هذا يعني
أننا كنا
ندعي المثالية بتصرفنا اللبق وقت السلم و الآن انجلت الحقيقة و تم إزالة
القناع!!!
برأيي لا... فالمثالية تعني أن تحسن إختيار الوجه للموقف المناسب...
لا أن تكون طيباً على الدوام ... أم شريراً على الدوام وكأنك تعلن أنّك
أبداً لا تدّعي المثالية.
هنا أتذكّر... أني عندما أتطرق لموضوع الصفات مع رفيقاتي كنت أحاول كثيراً
ما أن أنوههم بــ
"أنـّـي شريرة، بل و جداً"... فكانوا يضحكون مني ولا يصدقوني معقولة و أنت
كذا و كذا!!!
فهل تنبيهي لهم بأنـي "شريرة" وإصراري على أن يصدقوني، كان حتى لا ادعي
المثالية مثلاً؟!!!
مع أني كنت وقتها لم أتطرق بعد لمصطلح "ادعاء المثالية" لكن تصرّفي هذا كان
القصد منه...
أني ما كنت أريد منهم أن ينخدعوا بي!!! إي نعم صورتي كانت مثالية أمامهم
ربما... لكن
كنت لا أقصد أن أكون كذلك (مثاليّة)... لأني كنت أعلم أني لست كذلك...
وكغيري أخطئ كثيراً
لكن دافع اللباقة و الذوق يجعل الإنسان يظهر الصورة الطيبة أمام الناس بشكل
عام... أليس كذلكـــ..
فهل محاولتنا لصقل صورتنا أمام الناس يعرف بـ "ادعاء المثالية"؟!!
وإذا كان ذا التصرف هو ادعاء مثالية... أرى إذن لا بد منه حتى نصون
علاقاتنا..
أرى لا بدّ منه حتى لا نقل أدبنــا مع الناس و حتى نبادلهم الاحترام... هاه
ماذا تقولون؟!!
فمثلاً... حينما نتعامل مع إخوتنا و أخواتنا في المنزل.. لا نحاول أن نخفي
عن بعضنا البعض صفات هي بالأصل سلبية... كالعناد و العصبية و الانفعال و و
و...
لكن حينما نتعامل مع مثلا أولاد العم... نراعي و جداً أن لا نظهر هذه
الصفات أمامهم...
و عندما نتعامل مع العم... نراعي أكثر و نتحرى الأدب و الذوق أمامهم...
وهكذا... تعاملنا مع الأشخاص يختلف باختلاف العلاقات... و حينما نحاول أن
نخفي
منهم بعض عيوبنا... حتى لا نفقد لباقتنـــا و ذوقنا و نحن نتعامل معهم...
هل هذا التصرّف يدخل ضمن دائرة ادعاء المثالية؟!!
إذن هكذا ادعاء مثالية لا بد منه... صحيح؟!
وكذلك أثناء التعامل مع الأساتذة و الأصحاب... وزملاء العمل...
ومع الجيران... نمر بنفس الموقف.. أننا نحاول أن نصقل صورتنا أمامهم...
فمتى يتعدى هذا الصقل الحدود ليدخل ضمن دائرة النفاق و متى يكون ادعاء
مثالية؟!!
و أساساً هل هناك فرق بينهم... أم أنهم وجهان لعملة واحدة؟!!
ولمن يرى أن هنـــاك فرق... هل الفرق شاسع أم الاختلاف بسيط؟!!
و إذا كان الفرق شاسع فهل أحدهما إيجابي و الآخر سلبي أم كلاهما سلبي على
كل حال؟؟؟
لا أدري... بصراحة تداخلت معي الأمور وتعقّدت... ولذا وددت أن أناقشكم علني
أستفيد و أفيد..
أعتذر على الإطالة... لكن ما عرفت أن الموضوع هكذا معقّد إلا بعد أن خضت
فيه
حفظكم الله و رعاكـــم و دمتم طيبين/مثاليين
في أمان الله و حفظه